الأربعاء، 13 أكتوبر 2010

علاج النفس، الفصل الثالث: التوحيد و طريق الوسطية، التوحيد: مثال النمـل


  

التوحيد: مثال النمل

   
    حديثا عندما لاحظ علماء منملة (قرية النمل)، إكتشفوا أن 70% من النمل لا يعملون و لا يعيشون، إلاّ من أجل الحفاظ على المنملة: يقومون بجمع الحبوب، و يلقون الفضلات، و يزرعون الفطر لتغذية اليرقات. 20% من النمل تحرس مداخل و مخارج المنملة، و يحمونها  من أي عدو محتمل. و لكن يبقى فهم دور الـ 10% المتبقية. لاحظ العلماء أنها تشوش على تنظيم المنملة. و ليس لديها الحس العملي و التربوي، و رغم ذلك كانت تطعم من طرف بقية النمل. قام الباحثون بتحديدها و تعيينها ثم عزلوها عن المنملة. فلاحظوا أن هذه الأخيرة اضطربت كلية. في ظرف مدة، تفاجأ العلماء بإعادة المنملة الـ 10% المشوشة إلى مكانها. واستؤنف العمل عاديا . أعيدت التجربة عدة مرات، و في كل مرة لوحظت نفس الظاهرة. فما هي النتائج التي يمكن أن نستخلصها؟ 

    عالمنا مثل المنملة، مهيأ من هذا المنظور، بحيث كل شيئ، موجود ليعيش و يؤمن عيش الآخر. يمكن أن يبين لنا مبدأ التوحيد أكثر هذه الحقيقة الشاملة، التي لا نستطيع أن نقدم أحكاما تقويمية مهمة عنها، و التي يتعايش فيها، كل من الخير والشر، العالم و الجاهل، الهين و القاسي، الظالم و المظلوم، ليس كحقائق متناقضة و مطلقة، بل كحقائق متممة و نسبية... 

    يوجد مثال آخر، و هو لهذا العالم الذي برهن أن طيران فراشة بالصين يمكن أن يخلق على مستوى الضغط الجوي، إضطرابات على السواحل الأمريكية، و جزر الكراييب. هناك تشابك بين حقائق الظواهر، إذ أي تأثير على واحدة منها يسبب ردود لا تعقل و مفاجئة على كل البقية. لم نكتشف بعد كل شيء. فحيرتنا تزداد بقدر ما تزداد الإكتشافات. كثيرا ما نظن أن الأمر يتعلق بمحض الصدفة، أم بمجرد السببية، و لكن إذا نظرنا إلى تعدد المظاهر فإننا مجبرين على الإعتراف أن وراء كل هذا يوجد نظام، و ذكاء. حول هذه النقطة كتب الشيخ العلاوي في مفتاح الشهود:
    "جاءت الأشياء من حضرة العلم، و العلم متصف بالقدم، و من العجب أن يسمى هذا المقام بالعدم فانحصار الأشياء في سابق العلم، يشعر به كل من له أدنى فهم".  

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق